في أنفاس أبي
أجد رائحة ملابس جدي
العتيقة
وفي الأدراج تستريح ذكرى
وذاكرة الأجداد
يكتب التاريخ
في جدران غرفهم
من علوم الزمن
فوق الورق المكتوب
لعبة الوقت
كي لا تنحدر سيرتهم
في هامش ما
يحمل الليل أشعارهم
وهو يمحي أخر خطوات العبث
ولا يرهق إبصارة للعناوين
أو يكتب عن صورة نادرة
شاهدها على مرآة جدي
بل يترك للتاريخ المساحة
التي تختار صوت المذبوح
ليكون أغنية التقطتها
قيثارة صوفي
أبي
الذي عاش عمرا يحمل الأمانة
وأصابعه تلتحف
بسمرة العرق صيفيا
وفصلا من الشتاء وآخران
من الربيع والخريف
ألقى بذور غرس هذا العام
وأسماها ثمرة جدي
أمام نفس البيت نفس الشجرة
ونفس المكان الذي
كانت تستظل فيه جدتي
نعم جدتي
التي كانت أحاديثها الدافئة
لاتنتهي
ونظراتها التي تملأ الروح
هدوءا واستقرارا
ك النقوش على نواصي
غرف بيوتنا
والشوارع والزقاق
والضحكات التي تكسوا
أجسادنا حبا
مِن أثر الحنين
جدتي التي علمتني
أن القناعة رصيدك
الأعوام التي وهنت
والقوت في الأيام العجاف
التي شاخت
لها كل السلام حتى
من هتافات الطيور
وذاكرة القمح التي
تغطيها الحقول
ولم تسكتها مناجل الصيادبن
قبل غواية الحصاد
يقول جدي
من منح العقل أصابته
حصانة الرزانة
والإتزان
بعيدا عن النساء
وقيود الإثارة والغواية
فإن أخر شاهد من الذاكِرة
أرض الجنة هبة الله والخلاص
النساء هن أباريق الخمر
وزهرة الثمالة
وصبابة النبيذ في سطوهن
لتزهو الحياة في قبلة وزجاجة
فهذا هو الجزء من التاريخ
الذي يكتب عن الصياد واليمامة
وهذا النبيذ يا ولدي
هو المداد الذي يسري فينا
ليكون توأم الدم
لكنه ما كان شهيا كأجساد النساء
الشاعر محمد محمود البراهمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق